قصص الزمن الجميل
🌹"من روائع مصطفى العقاد: "
أمي كذبت عليَّ" ليس دائماً: تقول أمي الحقيقة !!
*ثمان مرات* : كذبت أمي عليّ !! تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الإبن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا.... وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا، كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة.. وكانت هذه كذبتها الأولى!!! وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ، وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت : يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك.. ....وكانت هذه كذبتها الثانية!!! وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ، ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة.. .....وكانت هذه كذبتها الثالثة!!!! وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ، ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ، وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ، بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ، وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها : اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة.. .....وكانت هذه كذبتها الرابعة!!! وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، وأصبحت مسؤولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ، فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة : أنا لست بحاجة إلى الحب.. ....وكانت هذه كذبتها الخامسة!!! وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا من راتبي، فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني.. وكانت هذه كذبتها السادسة!!!! وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ، وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ، وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف ، اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة.. وكانت هذه كذبتها السابعة!!! كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان ، وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم وكانت هذه كذبتها الثامنة!!!! وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...
إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته : حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ... وإلى كل من فقد أمه الحبيبة : تذكر دائما كم تعبت من أجلك فلا تنساها من دعائك رحمك الله...
🌹🌻🌹
🌹🌹🌹🌹🌹♥️🌹🌹🌹🌹
أخلاق الكبار
كان بين *الحسن البصري* وبين *محمد بن سيرين* شيء من الجفاء ، وكان إذا ذُكر ابن سيرين عند الحسن يقول ؛
دعونا من ذكر الحاكة !.. وكان يقصد أن أغلب أهل ابن سيرين يعملون في حياكة الثياب !
ثم إن الحسن رأى في منامه كأنه عُريان ، وهو قائم على مزبلة يضرب بالعود !!
فأصبح مهمومًا من رؤياه هذه ، فأرسل أحدَ أصحابه إلى ابن سيرين ليقص عليه الرؤيا على أنها رؤياه ، ولكن ابن سيرين كان أذكى من أن تنطلي عليه المسألة ،
فقال لمن جاءه.: قل لصاحب الرؤيا لا تسأل عنها ابن الحاكة ..
ولما وصل الخبر إلى الحسن مضى إلى ابن سيرين في مجلسه ، فلما رآه ابن سيرين قام إليه فتعانقا.، ثم جلسا فتعاتبا ، ثم قال له الحسن : دعك من هذا يا أبا بكر ، حدثني عن الرؤيا فقد شَغَلتْ قلبي !
فقال له ابن سيرين : لا تشغل قلبك ، فإن العُري عري من الدنيا فلست َ من طلابها ، وأما المزبلة فهي الدنيا وأنت تراها على حقيقتها ... وأما العود فإنها الحكمة تُحدِّث بها الناس .
فقال الحسن : فكيف َ عرفتَ أني صاحب الرؤيا ؟!
قال ابن سيرين : لا أعرف أصلح منك أن يكون رآها ..
التنافس بين الأقران لا يكاد ينجو منه أحد ... وإلا لنجا منه الحسن وابن سيرين .
فالرجلان على تقواهما وصلاحهما كان بينهما شيء من الجفاء، ولكن شأن النبلاء إذا هم تنافسوا ألا ينسى بعضهم حسنات بعض ، ولا يجحد ميزاته ،
وما أرسل الحسن رسولًا إلى ابن سيرين لتعبير رؤياه إلا لأنه يعرف علمه وبراعته في هذا المجال ..
وما علم ابن سيرين أن الحسن هو صاحب الرؤيا إلا لأنه يعرف تقواه وصلاح دينه .
فإياك إن حصل التنافس أن تقتدي بإبليس يوم قال *: « أنا خير منه »*
بل اقتد بموسى عليه السلام يوم قال *: « وأخي هارون هو أفصح مني لسانًا »!*
وإن شأن النبلاء كذلك أن يغتنموا أقلَّ حدث لتسوية الأمور ، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ...
وما أنبل الحسن إذ يراجع نفسه ، ويذهب إلى ابن سيرين في مجلسه ،
وما أنبل ابن سيرين إذ يقوم إلى الحسن فيعانقه .
لا تأخذك العزة بالإثم ، اغتنم الفرص وبادر ، فأحيانًا تمضي سنوات من الجفاء لأننا فوتنا فرصةً كان بالإمكان أن نُصلح من خلالها الأمور .
وإن سبقك غيرك بالمبادرة فلا تكن شر الرجلين، ومن مشى تجاهك خطوة امش تجاهه خطوتين .
الكرامة الشخصية ليس هذا موضعها ،
هذا موضع *« والله يحب المحسنين »*
وموضع *« وأصلحوا ذات بينكم »*
وموضع *« من تواضع لله رفعه »*
ّ وموضع *( من ذَلّ لله عزّ )*
وموضع *( وخيرهما من يبدأ صاحبَه بالسلام )*
*نحن في نهاية المطاف بشر ،* *فينا نزوات وطباع إنسانية لا* *نستطيع أن نخرج منها ،*
*ولكن الحل لم يكن يومًا أن نستسلم لها لأنها كامنة فينا ،*
*وإنما الحل في أن نسيطر عليها بدل أن تسيطر علينا ، ونقودها* *بدل أن تقودنا ... فإن* *النفس البشرية فرس جامحة !*
*فبادروا إلى إرضاء ربكم ولا ترضوا نفوسكم*
*اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا*
🌹🌻🌹
تعليقات
إرسال تعليق