حوار بين الحجاج والغلام
*🌹الصبي الذي اخرس الحجاج ووقف في وجهه*
قصة حقيقيه في غاية الروعه حدثت بين غلام بصري من قبيلة ثلا بن غالب (والذي هو حاليا المحدث والنابغه إبن تيميه عندما كان صغيرا)
منقوله منه على لسان أحد طلابه اسمه احمد الأزهري ويدونها في كتابه البلاغه والتبيان تحتوي على كل اصناف الادب من شعرٍ ونثر وبلاغه :
يقول فيها الأزهري :
خرج الحجاج بن يوسف الثقفي ذات يوم للصيّد فرأى تسعة كلاب إلى جانب صبي صغير السن (إبن تيميه) كان عمره وقتها نحو 12 او 13 سنه وله اغنام
*فقال له الحجاج : ماذا تفعل هنا أيها الغلام ؟*
فرفع الصبي طرفه إليه وقال له : يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بإفتخار وكلامك كلام جبار وعقلك عقل !!!!
*فقال الحجاج له : أما عرفتني ؟*
فقال الغلام : بلى عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام
*فقال الحجاج : ويلك أنا الحجاج بن يوسف.*
فقال الغلام : لا قرب الله دارك ولا مزارك فما أكثر كلامك وأقل إكرامك
فما أتم كلامه إلا والجيوش حلّقت عليه من كل جانب وكل واحد يقول السلام عليك ياأمير المؤمنين
*فقال الحجاج : إقبضو على هذا الغلام فقد أوجعني بالكلام*
فأخذو الغلام فرجع الحجاج إلى قصره فجلس في مجلسه والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد
ثم طلب إحضار الغلام فلما مثل بين يديه ، ورأى الوزراء وأهل الدولة ولم يخشى منهم
بل قال : السلام عليكم فلم يرد الحجاج السلام فرفع الغلام رأسه وأدار نظره فرأى بناء القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان
فقال الغلام : أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين
فاستوى الحجاج جالساً وكان متكئاً
فقال الحاشية للغلام : ياقليل الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ولماذا لم تتأدب في حضرته ؟
*فقال الغلام : يابراغيث الحمير سلمت على من لم يرده فأصبح ممن* *لايستحقه أما الأدب في حضرته فأدب مؤدب قبل أرى وجنته وأما عن الوقار في الولج فقد منعنيه التعب وطلوع الدرج*
أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه ،
"يعني السلام على (علي أبن أبى طالب) وأصحابه"
*فقال الحجاج : ياغلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه أملك*
فقال الغلام : والله ياحجاج إن كان في أجلي تأخير لم يضرني من كلامك لا قليل ولا كثير
فقال بعض الحاشيه : ويحك ، لقد بلغت من جهلك ياخبيث أن تخاطب أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك
ياقليل الآداب انظر من تخاطب وأجبه بأدب واحترام فهو أمير العراق والشام
*فقال الغلام : أما سمعتم قوله تعالى " كل نفس تجادل عن نفسها"*
*فقال الحجاج : فمن عنيت بكلامك أيها الغلام ؟*
قال : عنيت به (علي أبن أبى طالب) وأصحابه وأنت ياحجاج على من تسلم ؟
*فقال الحجاج : على عبدالملك إبن مروان*
فقال الغلام : عبدالملك الفاجر عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
*فقال الحجاج : ولم ذلك ياغلام ؟*
فقال : لأنه أخطأ خطيئةً عظيمة مات بسببها خلق كثير
فقال بعض الجلساء : إقتله ياأمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبدالملك أبن مروان
*فقال الغلام : ياحجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون فأشار الحجاج لجلسائه بالصمت*
*ثم سأله الحجاج : هل تعرف أخي ؟*
فقال الغلام : أخوك فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه
*فقال الحجاج : اضربو عنقه*
فقال له الرقاشي : هبني إياه ياأمير المؤمنين أصلح الله شأنك
*فقال الحجاج : هو لك لا بارك الله فيه*
فقال الغلام : لا شكر للواهب ولا للمستوهب
*فقال الرقاشي : أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا الكلام*
ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج وقال له : الآن إفعل ماتريد به ياأمير المؤمنين
*قال الحجاج للغلام : من أي بلد أنت ؟*
فقال للغلام : من مصر
*فقال له الحجاج : من مدينة الفاسقين*
فقال الغلام : ولماذا أسميتها مدينة الفاسقين ؟
*قال الحجاج : لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب ونيلها عجب وأهلها لا عجم هم ولا عرب*
فقال الغلام : لستُ منهم
*فقال الحجاج : من أي بلد إذن ؟*
قال الغلام : أنا من أهل خرسان
*فقال الحجاج : من شر مكان وأقل الأديان*
فقال الغلام : ولم ذلك يا حجاج ؟
*فقال : لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل وغنيهم بخيل*
فقال الغلام : لستُ منهم
*فقال الحجاج : فمن أين أنت ؟*
قال : أنا من مدينة الشام
*قال الحجاج : أنت من أحسن البلدان وأغضب مكان وأغلظ أبدان*
قال الغلام : لستُ منهم
*قال الحجاج : فمن أين إذن؟*
قال الغلام : من اليمن
*فقال الحجاج : أنت من بلد غير مشكور حكيمهم معسور وفقيرهم مجرور وغنيهم مغرور*
قال الغلام : ولم ذلك؟
*قال الحجاج : لأن صوتهم مليح وعاقلهم يستعمل الزمر وجاهلهم يشرب الخمر*
قال الغلام : أنا لستُ منهم
*قال الحجاج : فمن أين إذن ؟*
قال الغلام : أنا من أهل مكه
*فقال الحجاج : أنت إذن من أهل اللؤم والجهل وقلة العقل*
فقال الغلام : ولم ذلك ؟
*قال : لأنهم قوم بعث فيهم نبي كريم فكذبوه وطردوه وخرج من بينهم إلى قوم أحبوه وأكرموه*
فقال الغلام : أنا لستُ منهم
*فقال الحجاج : لقد كثرت جواباتك علي وقلبي يحدثني بقتلك*
فقال الغلام : لو كان أجلي بيدك لما عبدت سواك ولكن اعلم يا حجاج أني أنا من أهل طيبة (المدينه المنوره) مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
*فقال الحجاج : نعم المدينة أهلها أهل الإيمان والإحسان فمن أي قبيلة أنت ؟*
فقال الغلام : من ثلى بنى غالب من سلالة علي بن أبى طالب عليه السلام وكل نسب وحسب ينقطع إلا حسبنا ونسبنا فإنه لا ينقطع إلى يوم القيامه
فاغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله
فقال له كل من حضر من الوزراء : ولكنه لايستحق القتل فهو دون سن البلوغ أيها الأمير
*فقال الحجاج : لابد من قتله ولو يناد مناد من السماء*
فقال الغلام : ماأنت بنبي حتى يناديك مُنادٍ من السماء
*قال الحجاج : ومن يحول بيني وبين قتلك*
فقال الغلام : يحول بينك وبين قتلي مايحول بين المرء وقلبه
*فقال الحجاج : وهو الذي يعينني على قتلك*
فقال الغلام : كلا إنما يعينك على قتلي شيطانك وأعوذ بالله منك ومنه
*فقال الحجاج : أراك تجاوبني على كل سؤال فأخبرني ما يقرب العبد من ربه ؟*
فقال الغلام : الصوم والصلاة والزكاة والحج
*فقال الحجاج : أنا أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين*
فقال الغلام : من غير خوف ولا جزع أنا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وآلهِ وسلم
فإن كان أجلي بيدك ! فقد حضر شيطانك يعينك على فساد آخرتك
فأجابه الحجاج : أتقول أنك من أولاد الرسول وتكره الموت ؟
قال الغلام : بل أكره أن أموت على يد نمرود مثلك وأيضا أمتثل لقول الله تعالى " ولاتلقو بأيديكم إلى التهلكه"
قال الحجاج : ابن من أنت ؟
قال الغلام : أنا ابن أبي وأمي
فسأله الحجاج : من أين جئت ؟
قال الغلام : من رحب الأرض
فقال الحجاج : أخبرني من أكرم العرب ؟
فأجاب الغلام : بنو طي
فسأله الحجاج : ولم ذلك ؟
فقال الغلام: لأن حاتم الأصم الطائي منهم
فقال الغلام : لأن حاتم الأصم الطائي منهم
فقال الحجاج : فمن أشرف العرب ؟
قال الغلام : بنو مضر
فقال الحجاج : ولم ذلك ؟
فقال الغلام : لأن محمد صلى الله عليه وسلم منهم
فقال الحجاج : فمن أشجع العرب ؟
فقال الغلام : بنو هاشم لأن علي بن أبي طالب منهم
فقال الحجاج : فمن أنجس العرب وأبخلهم وأقلهم خيراً ؟
فقال الغلام : بنو ثقيف لأنك أنت منهم وفي الحديث الشريف يظهر من بنو ثقيف نمرود وكذاب
فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت
فأغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله فشفع به الحاضرون فشفعهم فيه وسكن غضبه قليلاً
وقال الحجاج : أين تركت الإبل ذات القرون ؟
فقال الغلام : تركتها ترعى أوراق الصوّان
فصاح الحجاج به قائلاً : ياقليل العقل ويابعيد الذهن هل للصوان ورق؟
فقال الغلام : وهل للإبل قرون ؟
قال الحجاج : هل حفظت القرآن ؟
فقال الغلام : وهل القرآن هارب منى حتى أحفظه
فسأله الحجاج : هل جمعت القرآن ؟
فقال الغلام : وهل هو متفرق حتى أجمعه ؟
فقال له الحجاج : أما فهمت سؤالي
فأجابه الغلام : ولا اريد ان افهمه !!
ولكن ينبغي لك أن تقول هل قرأت القرآن وفهمت مافيه فكم من حافظ للقرآن مثلك أنت ياحجاج ولكنه جاهلا بما فيه
هنا غضب الحجاج جدا ولكنه استهدأ وقال : فأخبرني عن آية في القرآن أعظم ؟ وآية أحكم ؟
وآية أعدل ؟ وآية أخوف ؟ وآية أرجى ؟ وآية فيها عشر آيات بينات ؟ وآية كذب فيها أولاد الأنبياء ؟
وآية صدق فيها اليهود والنصارى ؟ وآية قالها الله تعالى لنفسه ؟ وآية فيها قول الملائكة؟
و آية فيها قول أهل الجنه ؟ وآية فيها قول أهل النار ؟ وآية فيها قول إبليس ؟؟؟
فقال الغلام : أما أعظم آية فهي آية الكرسي
وأحكم آية : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}
وأعدل آية هي : {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}
وأخوف آية هي : {أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم}
وأرجى آية هي : {قل ياعبادي الذين أسرفو على أنفسهم لاتقنطو من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعها}
وآية فيها عشر آيات بينات هي : {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب}
وأما الآية التي كذب فيها أولاد الأنبياء فهي : {وجاءوا على قميصه بدم كذب}
وهم إخوة يوسف كذبو ودخلو الجنة
وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي : {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} فصدقو ودخلو النار
والآية التي قالها الله تعالى لنفسه هي : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}
وآية فيها قول الأنبياء {وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون}
وآية فيها قول الملائكة : {سبحانك لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم}
وآية فيها قول أهل الجنه : {الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور}
وآية فيها قول أهل النار : {ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}
وآية فيها قول إبليس : {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}
فقال الحجاج : أخبرني عمّن خُلِقَ من الهواء ؟ ومن حُفِظَ بالهواء ؟ ومن هَلِكَ بالهواء ؟
فقال الغلام : الذي خُلِقَ من الهواء سيدنا عيسى عليه السلام ؛ والذي حُفِظ َبالهواء سيدنا سليمان بن داود
عليهما السلام ؛ وأما الذي هَلَكَ بالهواء فهم قوم هود
فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلِقَ من الخشب ؟ والذي حُفظ بالخشب ؟ والذي هلك بالخشب ؟
فقال الغلام : الذي خُلِقَ من الخشب هي الحية خُلِقت من عصا موسى عليه السلام ؛ والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام ؛ والذي هلك بالخشب زكريا عليه السلام
فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من الماء ؟ ومن نجا من الماء ؟ ومن هلك بالماء ؟
فقال الغلام : الذي خُلق من الماء فهو أبونا آدم عليه السلام
والذي نجا من الماء موسى عليه السلام
والذي هلك بالماء ف فرعون
فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من النار ؟ ومن حُفظ من النار ؟
فقال الغلام : الذي خُلق من النار إبليس ؛ والذي نجا من النار إبراهيم عليه السلام
فقال الحجاج : فأخبرني عن أنهار الجنة وعددها ؟
فقال الغلام : أنهار الجنة كثيرة لايعلم عددها إلا الله تعالى كما قال في كتابه العزيز : {فيها انهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى}
وكلها تجري في محل واحد لايختلط بعضها ببعض ويوجد نظيره في الدنيا وهو في رأس بنى آدم طعم عينه مالح وطعم أذنه مر وطعم فمه عذب
فقال الحجاج : إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون فهل يوجد مثلهم في الدنيا ؟
فقال الغلام : نعم ، الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولايتغوط
فقال الحجاج : فما أول قطرة من دم ؟
فقال الغلام : هي حيض حواء
فقال الحجاج : فأخبرني عن العقل ؟ والإيمان ؟ والحياء ؟ والسخاء ؟ والشجاعة ؟ والكرم ؟ والشهوه ؟
فقال الغلام : إن الله قسم العقل عشرة أقسام جعل تسعة في الرجال وواحداً في النساء
والإيمان عشرة تسعة في اليمن وواحداً في بقية الدنيا ؛ والحياء عشرة تسعة في النساء وواحداً في الرجال
والسخاء عشرة تسعة في الرجال وواحداً في النساء
والشجاعة والكرم عشرة تسعة في العرب وواحداً في بقية العالم
والشهوة عشرة أقسام تسعة في النساء وواحداً في الرجال
فقال الحجاج : فأخبرني ما يجب على المسلم في السنة مرة ؟
فقال الغلام : صيام رمضان
فقال الحجاج : وما يجب في العمر مرة ؟
فقال الغلام : الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا
فقال الحجاج : فأخبرني عن أقرب شيء إليك ؟
فقال الغلام : الآخره
ثم قال الحجاج لحاشيته : سبحان الله يأتي الحكمة من يشاء من عباده ، والله مارأيت صبياً أتاه الله العلم والعقل والذكاء مثل هذا الغلام
فقال الغلام : أنا أهل لذلك
فقال الحجاج : فمن أحق الناس بالخلافة ؟
فقال الغلام : الذي يعفو ويصفح ويعدل بين الناس
فقال الحجاج : فأخبرني عن النساء ؟
فقال الغلام : أتسألني عن النساء وأنا صغير لم أطـّلع بعد على أحوالهن ورغائبهن ومعاشرتهن
ولكني سأذكر لك المشهور من أمورهن :
فبنت العشر سنين من الحور العين
وبنت العشرين نزهة للناظرين
وبنت الثلاثين جنة نعيم
وبنت الأربعين شحم ولين
وبنت الخمسين بنات وبنين
وبنت الستين ما بها فائدة للسائلين
وبنت السبعين عجوز في الغابرين
وبنت التسعين شيطان رجيم
وبنت المائة من أصحاب الجحيم
فضحك الحجاج قويا وقال : ف اي النساء
أحسن ؟
فقال الغلام : ذات الدلال الكامل والجمال الوافر والنطق الفصيح التي يهتز نهدها ويرتاح ردفها
فقال له الحجاج : أخبرني عن أول من نطق في الشعر ؟
فقال الغلام : سيّدنا آدم عليه السلام وإبليس اللعين ، وذلك لما قتل قابيل أخاه هابيل
أنشد آدم يقول :
بكــت عــينـي وحـق لـها بكاهـــا *** ودمــــع الـــعـــين منهمل يسيح
فـــمـا لـي لاأجــود بسـكـب دمع *** وهـابــيل تضمّنـه الـضــريـــــح
رمــى قــابـيـل هـــابــيــلاً أخـــاه *** والحد في الثرى الوجه الـصبيح
تغـــيرت البـــلاد ومـــن عـــليها *** فــوجــــه الأرض مــغــبر كشيح
تـــبدل كـــل ذي طــعــم ولــــون *** لـــفـقـدك ياصــبــيـح بل ياملــــيح
أيا هـــــابــيل إن تــقــتـل فإنــــي *** عـــليك الــــدهر مكتـئـب قريــح
فأنت حياة من في الأرض جميعاً *** وقــــد فــقـدوك ياروح وريـــح
وأنـــت رجــيــح قــدر يـافصيح *** سلـــيم بـل ســـميح بــل صبيـــح
ولــــسـت مــيـت بـــــل أنت حي *** وقــابــيــل الشــقي هو الطريـح
علـــــيه السخــط من رب البرايا *** وأنت عـــليـــك تسليم صريـــح
فأجابه إبليس يقول :
تـنوح على البلاد ومن عليها *** وفي الفردوس قد ضاق بك الفسيح
وكـــنت بها وزوجك في نعيم *** مــن الــمــولـى وقـلـبك مسـتريـــح
خـدعتك في دهائي ثم مكري *** إلــــى أن فـــاتـك الــعيــش الرشيح
فقال الحجاج : أخبرني يا غلام عن أجود بيت قالته العرب في الكرم ؟
فقال الغلام : هو بيت حاتم الطائي
حيث يقول : ـــ
وأكرم الضيف حتما حين يطرقني *** قبل العيال على عسرٍ وإيسارِ
فقال الحجاج : أحسنت ياغلام وأجملت وقد غمرتنا ببحر علمك فوجب علينا إكرامك ثم أمر له بألف دينار وكسوة حسنة وجارية وسيف وفرس
وقال الحجاج في نفسه : إن أخذ الفرس نجا وإن أخذ غيرها قتلته
فلما قدمها له قال الحجاج : خذ ماتريد ياغلام
فغمزته الجاريه وقالت : خذني أنا خير من الجميع
فضحك الغلام وقال : الآن ليس لي بك حاجة في مثل سني غير خوفي من أن تحطمي عظمي وتفقديني عقلي وتخربي عليا دنياي وتذهبي عليا ديني وأنشد يقول : ـــ
وقــرقعــت اللجان بـــرأس حــمراً *** أحـــــب إلىّ مــما تــغــمـزيني
أخـاف إذا وقعــتِ عــــلى فراشــي *** وطالت علتي لاتصحبينـــي
أخـــاف إذا وقــعــنا فــي مضـــيـقٍ *** وجار الدهر بي لاتنصريني
أخـــاف إذا فـقــدتِ المــال عــندي *** تـمـيلي للخصام وتهجريني
فأجابته الجارية قائلة : ــ
معاذ الله أفـــعــــل مـــاتــــقــول *** ولو قُطِعت شمالي مع يميني
وأكتم سر زوجــي فــي ضميري *** وأقـــنع باليسير ومايــجيني
إذا عاشـــرتني وعرفت طـــبعي *** ستــعــلم أنـــني خــير القرين
فأعجب الحجاج برده الذكي عليها
ثم قال لها : ويحك ياجاريه ألا تستحين كيف تغمزينه وتجاوبينه بالشعر أمامي
فانسحبت الجاريه مستحية معتذرة للحجاج
فقال الحجاج للغلام : وأنت هيا أختر ماقلت لك المال والكسوة أم الفرس
فقال الغلام : إن كنت تخيرني فإنني أختار الفرس أما إن كنت ابن حلال فتعطيني الجميع
فكر الحجاج قائلا بينه وبين نفسه : ماأخبثه قاتله الله لو اعطيته الفرس فقط فقد نجا بالفعل
وان لم اعطه البقيه فقد ينفي عني أن أكون إبن حلال
فقال : خذهم ياخبيث لابارك الله لك فيهم
فقال الغلام : قبلتهم يالئيم لاأخلف الله عليك غيرهم ولاجمعني بك مرة أخرى
ثم قال الغلام : من أين أخرج ياحجاج ؟
فأجابه الحجاج : أخرج من ذاك الباب فهو باب السلام فذهب منه وخرج دون أن يعترضه أحد
فقال الحاشية للحجاج بعد رحيله : هذا جلف من أجلاف العرب أتى إليك وسبَّكَ وأخذ مالك أفتدله على باب السلام ! ولم تدله على باب النقمة والعذاب ؟
فقال الحجاج : إنه استشارني والمستشار مؤتمَن
نعم خرج .. خرج الغلام من بين يدي الحجاج سالماً غانماً بفضل ذكائه وفهمه ومعرفته وحسن إطلاعه ههههههه
★العبره★
1. قوة شخصيتك واستخدام عقلك قبل لسانك هو السبب في حكمتك ونجاتك من مختلف المواقف لذا انتبه ولسانك وقكر قبل ان تتكلم
2. التربيه هي السبب في اكثرية الاحيان في قوة الشخصيه والذكاء لذلك وثقو تربية اولادكم حتى يستطيعو مواجهة مثل هذه الموافق...
منفول
🌹🌹🌻🌹🌹
تعليقات
إرسال تعليق